برأي عدد من سكان حلب، فإنهم يعتبرون أن كل شيء فيها قابل "للشراء" أو "تدخل الواسطة" الأمر الذي يميزهم عن بقية المحافظات الأخرى. ولكن أن يصل الأمر إلى ضرب شرطي والتهديد باللجوء إلى قائد الشرطة لعقاب الشرطي الذي تلقى الضرب! ربما الأمر بحاجة إلى الوقوف وإعادة النظر من جديد .. لاسيما أن الشرطي أسعف إلى المشفى ثم أسقط حقه هناك !
القصة من بداياتها ..
بدأت القصة مساء اليوم الأول من شهر رمضان الحالي مع قيام مراهقين في عمر الرابعة عشرة والخامسة عشرة من عمرهما بالتحرش بفتاتين تعملان في محل للألبسة في منطقة "تجميل الفرقان" والإساءة إليهما بعبارات "سوقية" أثناء عملهما في المحل الأمر الذي دفع بزميلهما في العمل الشاب ذي السابعة عشرة من عمره لأن ينهرهما و يطلب منهما الذهاب بعيدا لتبدأ "الملاسنة الكلامية" بين الثلاثة وتنتهي بعراك أدى ضرب الشاب للمراهقين .
فما كان منهما إلا أن اتصلا بشخص أكبر عمرا للقدوم والتعارك مع الشاب للانتقام لما حل بهما ، إلا أن الشاب استطاع من جديد الدفاع عن نفسه وتلقين الشاب الأكبر منه عمرا "درسا" صغيرا .. الأمر الذي جعله يتوعده بالضرب حال انتهاء عمله في المكان.
ومع اقتراب موعد إغلاق المحل في حدود الحادية عشرة ليلا تقريبا ، فوجئ الشاب بـ "كتيبة من المترصدين" في انتظاره أمام باب المحلّ فاتصل بالشرطة وتقديم شكوى مع طلب الحماية له .
القصة لم تبدأ بعد !!
حال وصول الشرطة الممثلة بعنصرين غير مسلحين .. بدأت فعاليات الفصل الثاني من القصة مع طلب الشرطة من الشابين (الشاب العامل في المحل ومن توعده بالضرب) الذهاب إلى قسم الشرطة (الشهباء) لحل الموضوع، فما كان من أخي الشاب المتوعد إلا أن قام بالتعدي على الشرطي الذي طلب من أخيه الصعود إلى السيارة و من ثم تطور الأمر إلى ضربه للشرطي بقسوة مع تهديده باللجوء إلى "قائد شرطة حلب" ليتصرف معه ولكي "يعاقبه"!
و أفاد شهود عيان بأن الشرطي تلقى الضرب بدون أن يرد أو يقوم بأي ردة فعل (منهم فسر ذلك على أنه خوفا من تهديد الشاب، ومنهم من يقول بأنه يريد أن يكون الحق معه كاملا لاحقا) حيث قام الشاب بضرب الشرط ي على رأسه مع تمزيق لباسه الرسمي أيضا بينما كان الشرطي في المقابل يطلب منه الدخول إلى السيارة "حتى لا يحصل ما لا يحمد عقباه" !
وأضاف شاهد العيان : ما أثار استغرابنا أكثر قيام أحد الموجودين بقول العبارة التالية للشرطي الذي يتلقى الضرب: "لماذا تطلب من المواطن الدخول إلى السيارة بصوت مرتفع... أيحق لك الحديث معه بهذه النبرة؟! يجب ألا تتكلم معه بهذه الطريقة لأنه مواطن وله حقوق!!!" فما كان من الشرطي إلا أن قال بحنق "أيحق للمواطن برأيك أن يقوم هو بضرب الشرطي.. يا ريت تمشي من هون"..
وبعد تدخل أهل الحارة .. صعد الشاب إلى السيارة فيما كان لا يزال يهدد الشرطي "بأنه سيتصل بقائد الشرطة حتى ولو اضطر إلى إيقاظه من نومه! (كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل هنا) و أنه سوف يقوم بـ..... و بـ...... في الشرطي" وبأنه "سيفرجيه من بكون وإبن مين هو".
أما الشرطي فطلب من الشاب الآخر صاحب الشكوى أن يصعد إلى السيارة ليذهب الجميع إلى قسم الشرطة.
وقبل أن ينتهي هذا الفصل من القصة توقفت سيارة مسرعة محملة بـ 4 شبان غاضبين من أصدقاء المعتدي .. لينتقل الجميع بعدها إلى قسم شرطة الشهباء وليبدأ الفصل الثالث من القصة.
الشرطي إلى المشفى للفحص الطبي
وحال انتقال الجميع إلى قسم الشرطة .. فوجئ الجميع بخروج الشرطي الذي تلقى الضرب في
حالة دوخة ودوار شديدين مع الاستناد إلى زميل له ليذهب إلى مشفى (الجامعة كما قيل) للحصول على معاينة طبية.
أما أمام القسم .. فقد ازدحم بأصدقاء الشاب الذي ضرب الشرطي .. والذي حضروالده ومحامي إضافة إلى قيامه بعدد "من الاتصالات" لمحاولة حل القضية خصوصا وأن الأمر أصبح معقدا مع إصابة الشرطي وذهابه للمشفى في الوقت الذي جاء فيه صاحب المحل الذي يعمل فيه الشاب لمعرفة أبعاد القصة التي سمعها على الهاتف من أكثر من مصدر.
و بعد لحظات .. وصلت الفتاتان اللتان بدأت المشكلة معهما حيث تم استدعائهما لسماع أقوالهما .
وبقي الجميع إلى ما بعد الساعة الثانية و النصف ليلا لترحل الفتاتان ومعظم أصدقاء الشاب إضافة إلى والده وليبقى الوضع مجهولا بالنسبة لمن هم في الخارج عن مصير الشابين الذين بقيا في الداخل.
وبعد نصف ساعة تقريبا يعود الأب مع الشرطي المصاب لتبدأ عملية المفاوضات لإسقاط حقه وليجتمع عدد من عناصر الشرطة مع الأب في "غرفة المفاوضات".
وبعد فترة من الوقت "والإقناع" يقرر الشرطي أن يرضى وأن يسقط حقه !!
وهنا خرج الجميع من قسم الشرطة وبحسب روايات فإن المحضر اقتصر على تقديم شكوى من الشاب الذي يعمل في المحل مع اسقاط حقه في الموضع، أما الشاب الآخر الذي ضرب الشرطي" فقد خرج من القصة ومن قسم الشرطة "مثل الشعرة من العجين"!!
انتهت القصة وبقيت عبارة أطلقها أحد شهود العيان "عندما نسمع بجرائم تحدث في مدينة حلب ، أول سؤال يخطر على بالنا هو "أين هي الشرطة؟"..
عندما يتم التعدي "بالضرب على الشرطي" و النفاذ بهذا الموضوع، عندها يجب علينا ألا نعلق تجاه أي حادثة أخرى تجري في مدينة "حلب" ولا على دور الشرطة فيها! وألا نستغرب من انتشار الجرائم ما دام وضع الشرطة (يبدأ بأن يضربوا وينتهي بأن يسامحوا لأن المسامح كريم)!!
مهما كان السبب الذي دفع الشرطي إلى إسقاط حقه بسببه (والذي هو واضح لكل ذي فهم "ومعرفة بكيف تجري الأمور في مدينة حلب"!) ، يبقى هنا أن شرطيا قد ضرب على مرأى من عيون عشرين شخصا وأن من ضربه نفذ من العقاب وعاد إلى حارته "مرفوع الرأس" وكأن شيئا لم يحدث ليمشي بين الناس ولتصبح قصة الشرطي الذي ضرب قصة في طيات الماضي ..
لماذا .. هل لأنها "حلب" وفهمكم كفاية..