المحافظة تعد قرارات جديدة لتنظيم ساعات العمل هدفها راحة المواطن
أصحاب المحلات : الجلوس في المحل أحسن من الذهاب للبيت و"فش خلقنا" بالعائلة
لا تفتح الأسواق والمحلات التجارية بمدينة حلب حتى الظهيرة، ولا تغلق أبوابها إلا في أوقات متأخرة من الليل، هكذا جرت العادة بالسنوات الأخيرة رغم صدور أكثر من قرار لتنظيم ساعات العمل، إلا أنها لم تفلح في الحد من هذه الظاهرة.
يرد أصحاب المحلات الأسباب لتراجع القوة الشرائية وضعف حركة السوق، بينما يعكف مسؤولون في المحافظة على إعداد قرار-سيصدر قريبا- لتنظيم توقيت فتح وإغلاق المحلات مع مراعاة خصوصية كل مهنة على حدا .
حلب تنام حتى الظهيرة
مع كثرة الأسواق في مدينة حلب وتعدد المصالح والمهن فيها تختلف كل منطقة في ساعات بدء العمل، منها من يفتح الساعة التاسعة والبعض بالعاشرة لكن الغالبية العظمى من الأسواق تفتح في الحادية عشر وما بعد، خاصة أسواق الألبسة والأحذية والموبايلات .
هذه الحركة المتأخرة في الأسواق جعلت المواطن تركي (عبدو أوغلو) -أتى للزيارة وللتسوق- يبدي استغرابه قائلا :" أنا من إنطاكيا أعمل بمجال الصياغة، نحن نذهب إلى العمل في الثامنة صباحا ومعظم المحلات في السوق الرئيسي لدينا تفتح في هذا الوقت، نعمل حتى السادسة مساء ثم نعود إلى المنزل".
ويقارن مع الوضع في حلب :" عندكم تبقى الشوارع فارغة حتى الحادية عشر صباحا، ثم يبدأ النشاط وخاصة سوق الألبسة، لا أعرف أيهما الأصح ولكن يبدو أن لكل مدينة عاداتها ولكل مهنة ظروفها ".
هذا ما أكده مالك محل بصريات في منطقة الجميلية ( زياد ):" نحن نفتح المحل في العاشرة صباحا لأننا مرتبطين مع عيادات دكاترة العيون وهو مناسب بالنسبة إلى عملنا ولكن المشكلة تكمن في فترة الإغلاق عند المساء أدخل إلى بيتي بعد الساعة 11,00 وهذا متعب ".
الإغلاق وتراجع الشغل
وعن الأسباب التي تجعل التجار الحلبيون يفتحون في وقت متأخر قال محمد حاضري صاحب محل كهربائيات بالعبارة " منذ 15 عشرة سنة كنا نبدأ العمل في ال7 صباحا حتى ال 9 مساء كان العمل كثير نغلق لأننا تعبنا، الآن الشغل قليل والمصاريف كبيرة، حاليا نفتح من العاشرة ونغلق في العاشرة ليلا ".
فيما أعطى صاحب محل لبيع النظارات (بدر) وجهة نظر مختلفة عن الموضوع:" أنا ضد اقتراح إغلاق المحلات في وقت محدد أنا أملك 3 محلات في العزيزية ومحل بالموغامبو معظم زبائني يأتون للتسوق بعد الساعة الثامنة مساءً وهم من فئة المراهقين والشباب التي تتبع الموضة ".
وأضاف " سابقا عندما صدر قرار بإغلاق المحلات تراجعت أعمالي كثيرا قلت الغلة شعبنا في حلب تعود على نمط التسوق بوقت متأخر أنا عندما أذهب إلى استانبول للتسوق أتضايق من إغلاق المحلات بالثامنة مساء " .
مشكلة استراحة الظهر
وقال بائع فضيات بمنطقة العزيزية (فاسكين قيومجيان) لسيريانيوز "مهما صدر قرارات بهذا الخصوص لن يلتزم أحد لأنه لا يوجد أشغال إلى أين سيذهب أرباب العمل إذا قصد المقهى ليشرب القهوة سيضع 200 ليرة في أقل تقدير وإذا ذهب إلى البيت سيتقاتل مع زوجته وأولاده لكي يفش خلقوا ".
وتابع (قيومجيان) :" أنا كنت أعمل بدبي سابقا كنا نذهب إلى العمل في الثامنة صباحا يبدأ الزبائن بالقدوم في 8,10 نغلق فترة الظهيرة ونعود للعمل ونغلق في التاسعة عندما يكون العمل جيد لا أحد ينزعج ".
فيما تمنى صاحب محل البصريات (زياد) "تطبيق فترة استراحة عند الظهيرة أو أن يتم تحديد وقت محدد للإغلاق فالزبون يتعلم ويستطيع أن يبرمج وقته على هذا الأساس ".
وعن السبب الذي يمنع من إغلاق محله فترة الظهيرة قال:" أنا أعمل في هذه المصلحة منذ 25 سنة، في السابق كان إغلاق المحل فترة الظهيرة مقدسا، ولكن في الآونة الأخيرة بدأت بعض المحلات المنافسة لنا تبقي محلاتها مفتوحة فاضطررنا على أن نساير الوضع الجديد ".
وتابع " الآن نحن نتغذى بالمحل ونصرف كهرباء أكثر خاصة في وقت الصيف، علما أنه لا يوجد أحد في الطرقات فحرمنا من الراحة ومن حياتنا الاجتماعية، وفي مساء نذهب إلى البيت متعبين ومرهقين، لقد تضاعفت فاتورة الكهرباء نتيجة ازدياد استهلاكي لها ".
توقيت الإغلاق السابق
صدر في أواخر 2007 قرار في المحافظة يجبر فيه المحلات بالفتح في الساعة التاسعة صباحا حتى يتم الإغلاق مبكرا، وتم وضع غرامة بدفع مبلغ 3000 ليرة سورية أو بإغلاق المحل لثلاثة أيام في حال المخالفة .
عن هذا القرار وأسباب فشله تحدث موظف في محل لبيع الأدوات المنزلية في العبارة (محمد العيسى) قائلا :"عندما صدر القرار السابق لم يلتزم الجميع بالقرار نحن مع القانون إذا سرى على الجميع ، التجربة الماضية بشكل عام فاشلة لأنك لا تستطيع إجباري على فتح المحل لكن تستطيع تحديد موعد للإغلاق "، وأشار العيسى أن المحلات في سوق العبارة حاليا تفتح في 10 صباحا وتغلق في الـ11 مساء.
وعن ساعات الإغلاق المناسبة بالنسبة للمتاجر تحدث صاحب محل أحذية وسط المدينة(إسماعيل عطار) قائلا :" نحن مع قرار إغلاق المحلات الساعة التاسعة مساءً في فصل الشتاء والحادية عشر ليلاً في فصل الصيف، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لكل سوق خصوصية كما أنه لا يمكن أن تغلق المدينة كلها في نفس الوقت فهذا يسبب ازدحام مروري شديد ".
وأضاف (عطار) "معظم المحلات هنا متوارثة فترى في المحل أكثر من جيل من الجد إلى الحفيد كل له وقته بالعمل لذا لا مشكلة في طول فترة العمل ولا يموت الديب ولا يفنى الغنم نريد قرار نكون فيه مرتاحين والدولة مرتاحة ".
قرارات جديدة والدراسة لم تنته
جدير ذكره أنه تم تشكيل لجنة في 25-8-2009 بقرار رقم 1234 لدراسة تحديد ساعات فتح وإغلاق المحلات في حلب برئاسة (عبد القادر جزماتي) نائب رئيس المكتب التنفيذي في المحافظة .
عن هذه اللجنة وما توصلت إليه من دراسات تحدث (جزماتي) قائلا "اللجنة مكونة من كل القطاعات المختلفة للاستفادة من خبرتهم ولأخذ أرائهم فالدراسة التي تجري حاليا ستكون موسعة بشكل كبير لتشمل كل المهن فكل مصلحة لها خصوصية يتم على أساسها تحديد ساعات الإغلاق ".
وتابع "بعض المهن فيها قرارات سابقة تنظمها سيتم استثناؤها من القرار الحالي وما سيصدر من اللجنة سيعرض على المحافظ ثم على المكتب التنفيذي لإقراره وتصديقه ".
وسيستثنى من القرار محطات الوقود ومحلات سوق الهال والمحال داخل الفنادق ومحلات إصلاح إطارات السيارات المرآب المخصصة لكراج السيارات الصيدليات المعامل المخصصة في المدينة الصناعية والملاهي الليلية .
وسيتم تحديد مواعيد مناسبة لصالات الأفراح والأعراس وبالنسبة إلى محلات الألعاب والانترنت هناك
القرار الصادر في 27-9-2009 بتحديد ساعات الفتح والإغلاق .
وأكد (جزماتي) أن القرار القديم توقف العمل فيه ولن يكون هناك مواعيد محددة لفتح المحلات التجارية أو ساعات للإغلاق في فترة الظهيرة .
وتابع قائلاً "بعد صدور القرار سوف يصدر معه عقوبات والتي ستكون بشكل مرحلي وتدريجي وتتراوح بين الغرامة والإغلاق أو سحب الرخصة، والجهة المنفذة هي قيادة الشرطة ".
وأشار أن القرار سوف يسري على الجميع وعند ورود شكوى ما للمحافظة ستتابع بما يؤمن تنفيذ القرار .
كما تحدث (جزماتي) عن الغاية من القرار قائلا : " إن الهدف من الموضوع هو تنظيم عمل المهن بالدرجة الأولى وراحة المواطنين، وعلى غرف الصناعة والتجارة والحرفيين والأعلام الدور الأكبر في توجيه المواطن"، رافضاً تحديد وقت للبدء بتنفيذ القرار، مؤكداً على أن الدراسات ستنتهي قريبا جدا.
جدير ذكره ان اللجنة مؤلفة من نائب المحافظ وأعضاء في المكتب تنفيذي وممثلين عن كل من غرفة التجارة والصناعة ومندوب عن السياحة وأخر عن اتحاد الحرفيين.