في يوم العمل الأول من العام الجديد 2010 تبدو مكاتب شركة "روتانا" في القاهرة شبه خاوية من العاملين و عند الإتصال هاتفياً بعدد من هؤلاء العاملين وبينهم مديرون تنفيذيون على قدر من الأهمية يأتيك الرد "الشخص المطلوب غير موجود حاليا" بينما واقع الحال أنه لن يكون موجوداً بعد الآن فقد كان الخميس الماضي أخر أيام العمل في عام 2009 وكان أيضاً اليوم الأخير لما يقرب من 20 موظفاً في "روتانا" القاهرة معظمهم في وظائف دنيا لكن بينهم أيضا مدير انتاج الفيديو كليب ومدير العلاقات العامة والإعلام والتسويق.
وتحتل مكاتب "روتانا" الإدارية بمصر طابقاً كاملاً من مبنى إداري كبير ملحق بفندق "فور سيزون" على نيل القاهرة في حي غاردن سيتي الراقي وكان يعول على المقر المصري في أن يكون المقر الأساسي للشركة السعودية في الشرق الأوسط وسط حديث واسع عن تهميش لدور مكاتب العاصمة اللبنانية بيروت التي كانت تضطلع بالدور الأهم في الشركة لكن يبدو أن الواقع يخالف كثيراً المعلن عنه سابقاً.
وبينما تتعلل "روتانا" بأن تسريح هؤلاء يأتي ضمن خطة أعلن عنها سابقاً لهيكلة المؤسسة بالكامل كونها باتت مترهلة إدارياً إلا أن واقع الحال يؤكد العكس حيث أن الإستغناء عن السعاة والمساعدين الإداريين لن يكون الحل في الخروج من الأزمة المالية المزعومة كما أن المديرين التنفيذيين الذين تم الإستغناء عنهم لم يكونا باهظي الأجر وتعويضهما يكلف الشركة عمليا أضعاف ما كانا يتقاضياه.
وظل مدير العلاقات العامة في "روتانا" القاهرة مثلا يتقاضي أجرا يقدر بـ4 ألاف جنيه (700 دولار تقريبا) شهريا طيلة السنوات الثلاث الماضية وهو راتب لا يقارن أبدا بما يحصل عليه أقرانه في مكاتب عواصم عربية أخرى بينما الاستغناء عن مدير إنتاج الفيديو واللجوء إلى منتج منفذ محترف من الخارج يكلف الشركة أضعافا مضاعفة وبالتالي فلم يعد الزعم الخاص بوجود أزمة مالية مقبولا.
ويأتي تسريح العاملين بحجة الأزمة المالية أو الهيكلة متزامنا مع إنهاء العمل في برامج تليفزيونية عدة تصور وتبث من القاهرة إضافة إلى استديو كبير تستأجره "روتانا" في مدينة الإنتاج الإعلامي وهو أمر يثبت مجددا أن الأمر لا علاقة له بأزمة مالية لأن القاهرة هي الأقل تكلفة في هذا المجال بين العواصم العربية.
ولم يقف الأمر عند حد تسريح العاملين وايقاف البرامج وإنما امتد إلى الإستغناء عن ثلاثة من المطربات المصريات في يوم واحد هن مي كساب وزيزي عادل وأميرة أحمد بينما يظل موقف المطربة أنغام التي انتهى عقدها مع "روتانا" ملتبسا بين الإنهاء والتجديد.
وأوقف كل المتعاملين مع "روتانا" أعمالهم بالفعل حتى يتم الكشف عن نهاية للحالة الضبابية التي تعيشها الشركة على مستوى كافة إداراتها ومكاتبها العربية التي شهدت استغناءات بالجملة وتغييرات جذرية خلال الشهر الأخير.
فقبل أقل من أسبوعين فقط تم الإستغناء نهائيا عن الفرنسي فريدريك سيشلر رئيس قطاع الأفلام الذي عمل على مدار العامين الأخيرين في مشروعات لم ينفذ أياً منها مطلقاً بينما ظل السعودي أيمن الحلواني مدير عام الإنتاج السينمائي الرجل الأهم في القطاع الذي أسسته الإعلامية المصرية هالة سرحان قبل سنوات.
وفي يوم 16 كانون الأول (ديسمبر) استغنت روتانا فجأة عن خدمات 13 موظفاً في مكتبها ببيروت يعملون في وظائف مختلفة وقالت صحيفة "الجزيرة" السعودية المقربة من الشركة وقتها إن هناك دراسة جدية لإغلاق مصنع الشرائط والأقراص المدمجة المملوك للشركة بمدينة جدة وإن كان القرار لم يتخذ فعليا بعد.
وسبق أن أغلقت "روتانا" قناتي تلفزيون هما "طرب" و"زمان" وتم توزيع العاملين فيهما على القنوات الأخرى كما تم تسريح عدد كبير من العاملين في قناة "الرسالة" قدر بـ30 بالمئة من إجمالي العاملين بينما لم تطل حالة التسريح العاملين في مكاتب الشركة بالسعودية حتى اليوم رغم الحديث عن هيكلة شاملة في تلك المكاتب الموزعة على مدينتي جدة والرياض.
في حين يظل الإستغناء عن المطربين هو الأكثر أهمية بسبب العدد الكبير المقرر الإستغناء عنه والمقدر بأكثر من 70 مطربا ومطربة بينهم أسماء شهيرة بدأت باللبنانية نوال الزغبي والسورية أصالة.
وبينما تدور الأحاديث الجانبية عن مصير الكويتي سالم الهندي رئيس "روتانا" للصوتيات والرجل الأقوى في كل قطاعات "روتانا" طيلة السنوات الخمس الماضية إلا أن أحدا لا يجزم في الشركة أو خارجها ببقاء الرجل من عدمه.
وبدأ الحديث عن تسريح الموظفين والإستغناء عن المطربين عقب الإعلان في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عن اتفاق شراكة بين "روتانا" ومؤسسة "نيوز كورب" العالمية تحصل بموجبها نيوز كورب على 10 بالمئة من أسهم "روتانا" على أن يتم زيادة تلك الحصة في وقت لاحق إلى 20 بالمئة.